عوائق مرحلة النمو في المنطقة: فجوة تمويلية بحجم 20 مليار دولار

مقدمة

يسلط هذا التقرير الضوء على التحديات المتعلقة بعجز حاد متوقع في تمويل الشركات التقنية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والمقدر بحوالي 20 مليار دولار خلال الخمس سنوات القادمة. ساعدت وفرة المستثمرين في المراحل المبكرة في السنوات الخمس الأخيرة على وضع الشركات التقنية الناشئة في المنطقة في مسار النمو المتسارع الذي تشهده اليوم. ومع نمو هذه الشركات إلى مستويات متقدمة، فإن ندرة رأس المال في مرحلة النمو تشكل خطراً على استدامة هذا الزخم. ونعتقد أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يمكن أن تستفيد من المزيد من صناديق الاستثمار الجريء المتخصصة في مرحلة النمو، وأن دور القطاع العام حاسم لمواصلة تطوير سلسلة القيمة للاستثمار التقني.

شهد قطاع الاستثمار الجريء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا انطلاقةً متجددة في عام 2018 عندما بدأت مجموعة من المستثمرين المؤسسيين في دعم العديد من الشركات التقنية الناشئة. وعلى مدى السنوات الخمس الماضية، أدى هذا الزخم إلى تمويل أكثر من 2000 شركة ناشئة، باستثمارات تتجاوز 9 مليارات دولار. في يومنا الحالي، نجحت 220 شركة في إغلاق جولات تمويلية "A" أو ما يليها، والتي يشار إليها باسم "مرحلة النمو" في هذا التقرير[1]. يمثل هذا إنجازًا تاريخيًا حيث تدخل منظومة الاستثمار الجريء في المملكة العربية السعودية ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشكل عام مرحلة النمو للمرة الأولى.

من حيث متطلبات التمويل، يتطلب الاستثمار في مرحلة النمو ما يقارب عشرة أضعاف الأموال المستثمرة في المراحل المبكرة. وعلى الرغم من ارتفاع حجم رأس المال المطلوب، فإن مستوى المخاطر في مرحلة النمو أقل بكثير. هذا ما يمثل فرصة جذابة للمستثمرين لاستثمار رأس مال ضخم في شركات ذات المخاطر المنخفضة نسبياً والتي من الممكن أن تحقق عوائد جذابة خلال إطار زمني قصير نسبيًا، يتراوح ما بين العامين والخمسة أعوام.

إذاً لماذا توجد فجوة في رأس المال المخصص لمرحلة النمو اليوم في المنطقة؟ إن متوسط حجم الأصول المُدارة لصندوق الاستثمار الجريء في مراحل النمو أكبر بكثير من نظيره في صندوق المرحلة المبكرة، مما يعني أن مديري الصناديق في مرحلة النمو بحاجة إلى جمع الأموال من المستثمرين المؤسسيين مثل صناديق الثروة السيادية وصناديق التقاعد وصناديق الأوقاف ومثيلاتها، على عكس صناديق المرحلة المبكرة التي تستهدف بشكل رئيسي الأفراد ذوي الثروات العالية (HNIs) أو المكاتب العائلية. ومع ذلك، فإن هؤلاء المستثمرين المؤسسيين لديهم سياسات داخلية صارمة تعطي الأولوية لتخصيص رأس المال للصناديق التي تظهر سجل أداءٍ طويل من التخارجات، والعوائد المحققة. ولا تمتلك صناديق مرحلة النمو حتى الآن سجلات أداءٍ طويلة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وذلك ببساطة لأن القطاع الاستثماري لا يزال حديث العهد، ولم يشهد القطاع العدد اللازم من عمليات التخارج الفعلية. تتراوح الدورة النموذجية للشركات الناشئة منذ البداية وحتى التخارج ما يقارب الثمان سنوات، ومعظم قصص النجاح في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لم تكن موجودة منذ فترة بعيدة من اليوم.

فمن ناحية، هناك حاجة إلى المزيد من رأس المال لدعم الشركات في مرحلة النمو وتمكينها من تحقيق عمليات تخارج ناجحة، ومن ناحية أخرى، هناك حاجة إلى عمليات تخارج ناجحة لتكوين  سجل إداءٍ إيجابي من شأنه أن يسمح لصناديق الاستثمار الجريء بجمع رأس مال إضافي من المنطقة ومن خارجها. السؤال الأهم في سوق الاستثمار الجريء في المنطقة هو: كيف يمكننا الخروج من هذه المعضلة التي تعرقل نضوج منظومة الاستثمار الجريء وبالتالي شركات التقنية في المنطقة؟ إن تحفيز صناعة جديدة هو أحد الأدوار المعتادة للقطاع الحكومي. وسد فجوة التمويل في مرحلة النمو من شأنه أن يمثل الخطوة الأخيرة في الجهود التي تبذلها حكومات المنطقة لاستكمال تفعيل منظومة الاستثمار الجريء. إن ظهور مجموعة رائدة من الشركات التقنية الناجحة من شأنه أن يؤسس سجلات أداءٍ حافلة وطويلة بشكلٍ كافٍ للحصول على ثقة مستثمري القطاع الخاص (من المنطقة وخارجها) لتخصيص رأس المال للاستثمار الجريء في المنطقة، والذي بدوره سيدعم النمو والاستدامة الذاتية للمنظومة. 

1. نجاح منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تفعيل منظومتها التقنية 


تمثل البداية المرحلة الأكثر صعوبة في إنشاء منظومة مزدهرة للابتكار. في هذه المرحلة يندر وجود تجارب ناجحة سابقة تكون بمثابة قدوة وإلهام لمؤسسي الأعمال في المستقبل؛ فالمواهب ذات الخبرة محدودة بسبب عدم وجود شركات التقنية التي تنميها. وعلى الجانب الآخر، فإن الممولين  يترددون في دعم رواد الأعمال بسبب عدم وجود العدد الكافي من قصص النجاح المنتهية بالتخارج. بالإضافة إلى أن القوانين والتشريعات في هذه المرحلة -في أغلب الأحوال- تتطلب بعض التعديلات لتتوافق مع نماذج الأعمال التقنية. وأخيراً، عدم الوضوح في مدى تقبل المستهلكين والمنشآت للمنتج التقني الجديد، وهذه القائمة الطويلة من التحديات تتطلب حلولاً متوازية تُطبّق في آنٍ واحد.  


تتطلب منظومة ريادة الأعمال التقنية وجود عدد من عوامل التمكين وتطويرها بشكل متزامن وهذا ما يجعل مهمة إطلاق منظومة جديدة للابتكار معقدة للغاية وتتطلب إلى جذب رواد الأعمال وإلهامهم، وتكريس الجهد والتمويل في أنشطة الاحتضان والتسريع، وإنشاء إطار تنظيمي وحوافز لبدء أعمال تجارية جديدة، وتعزيز تكوين شبكة اجتماعية من المستثمرين ورواد الأعمال من خلال الأنشطة والمؤتمرات، وتمويل عدد من صناديق الاستثمار الجريء المحلية في المرحلة المبكرة.

إطار STV  للمحركات الرئيسية لمنظومة الابتكار

لقد نجحت المملكة العربية السعودية، إلى جانب دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، في تنفيذ هذه الخطوات تحت ظل قيادة حاسمة أطلقت سلسلة شاملة من المبادرات لتحفيز المنظومة.

في الفترة ما بين 2018 و2022، أسفرت المبادرات المختلفة عن خلق ما يتجاوز عن 2000 شركة تقنية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حصلت على تمويلات تزيد عن 9.0 مليار دولار أمريكي. من بين هذه الشركات، هناك 220 شركة في مرحلة النمو اليوم، أي الشركات التي قامت بجمع جولة التمويل من الجولة A أو أعلى، وتتطلع إلى جمع جولة التمويل B أو أعلى. وفي الفترة نفسها، شكلت جولات B واللاحقة لها 4% فقط من إجمالي جولات التمويل التي تمت، وشكلت 49% من إجمالي رأس المال المستثمر[3]. وكما سيناقش لاحقًا في هذا التقرير، فإن هذا أقل بكثير من حصة تمويل مرحلة النمو في المنظومات المتقدمة.

2. موجةٌ من الشركات المنتقلة إلى مرحلة النمو في المنطقة

مع استمرار النمو والنضج في منظومة الشركات التقنية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، شهدنا تسارعاً في عدد الشركات الناشئة التي وصلت إلى مرحلة النمو. يوجد حاليًا 220 شركة ناشئة تمكنت من الحصول على استثمارات  مرحلة الجولة A وما بعدها، منها حوالي 160 شركة نشطة في السوق اليوم. من المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه التصاعدي في السنوات القليلة القادمة، حيث تتقدم المزيد من الشركات الناشئة التي حصلت على تمويل في الخمس سنوات الأخيرة إلى مرحلة النمو.

عدد شركات التقنية النشطة في المنطقة التي جمعت جولة A وأعلى،2017-2022 [5]

تمكنت شركات التقنية من جمع جولات تمويلية أكبر على خلفية النمو القوي لأساسياتها، حيث حققت في كثير من الحالات أكثر من 100 مليون دولار في الإيرادات. وفي STV، شهدت المحفظة ٦ شركات نمت إيراداتها من بضعة ملايين في الوقت الذي استثمرت فيه STV فيها إلى أكثر من 100 مليون دولار من الإيرادات السنوية لكل منها.

نمو إيرادات شركات محفظة (STV 6 شركات تجاوزات حاجز إيرادات الـ 100 مليون دولار)

تغطي عمليات الشركات في مرحلة النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عدة قطاعات، وترتكز معظمها على التجارة الإلكترونية والتقنية المالية والخدمات اللوجستية (أو مزيجاً منها جميعاً). وتمتلك هذه القطاعات الثلاث أكبر حصة من القيمة الاقتصادية الممكنة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ولذلك -بطبيعة الحال- تمثّل هذه القطاعات أعلى الفرص لخلق واستيعاب شركات تقنية عملاقة.

شركات المنطقة التي قامت بجمع جولات A وما بعدها بنهاية عام 2022، مقسمة حسب القطاع [6]

كدلالة أخرى على  نضوج المنظومة، ودخولها مرحلة النمو، نشهد اليوم نشاطاً متزايداً في تخارجات الشركات التقنية. حيث شهدت عمليات الاستحواذ ارتفاعًا في السنوات الأخيرة، ببلوغها  190 عملية استحواذ بين عامي 2018 و2022 [7]. وحتى الآن، شهدنا 4 اكتتابات عامة أولية لشركات تقنية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مع إعلان عدد من الشركات الإضافية في مرحلة النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عن بدء  الإعداد للطرح العام، بما في ذلك العديد من شركات محفظة STV مثل Tabby، Floward، وTrukker، وUnifonic، وNana.

بعض العناوين المختارة من شركات تقنية في المنطقة أعلنت خططها للاكتتاب العام الأولي

3. المنطقة بحاجة إلى 25 مليار دولار من الاستثمارات في مرحلة النمو

تحتاج الشركات التقنية المدعومة من مستثمري  رأس المال الجريء إلى جمع أموال إضافية خلال مراحل النمو أكبر حجما بـما يقارب ويتجاوز 10 أضعاف ما كانت عليه في المراحل المبكرة [8]. في هذه المرحلة، تكون الشركة أثبتت فاعلية نموذج عملها وينتقل التركيز من التجربة إلى التوسع. يساعد هذا التمويل الإضافي في زيادة توظيف المدراء التنفيذيين ذوي الخبرة، والتوسع الجغرافي، والتوظيف، ومبادرات الاندماج والاستحواذ، والعديد من أدوات النمو التي تمكن من توسيع نطاق هذه الشركات الريادية لتصبح شركات مستدامة.

متوسط حجم الصفقة في كل مرحلة ودولة، مليون دولار

في حين أن رأس المال المطلوب في مرحلة النمو أعلى بكثير، إلا أن مستوى المخاطر منخفض بشكل ملحوظ مقارنة بالشركات الناشئة في المراحل المبكرة. تمثل هذه  فرصة واعدة  للمستثمرين لتخصيص نسبة معتبرة من رأس المال في استثمارات منخفضة المخاطر نسبياً يمكنها تحقيق عوائد جذابة في إطار زمني قصير، حيث يكون التخارج من مثل هذه الاستثمارات عادة في إطار زمني أقصر، يتراوح ما بين العامين والخمسة أعوام.

علاوة على ذلك، زادت أعداد الجولات الضخمة مع انتقال المزيد من الشركات من الجولة A إلى جولات متقدمة. فقد ارتفع عدد جولات التمويل التي تزيد عن 30 مليون دولار في المنطقة بشكل مستمر، من 5 جولات في عام 2020 إلى 22 جولة في عام 2022، ومن المتوقع أن يستمر هذا النمو. وقد شهدت الجولات التي تتجاوز +100 مليون دولار على وجه الخصوص ارتفاعًا كبيرًا في العامين الماضيين بعد ظهور أول جولة من هذا الحجم في عام 2020، حيث تشهد المنطقة المزيد والمزيد من جولات التمويل من فئة C+.

والآن بعد أن دخلت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مرحلة تسود فيها شركات النمو، يصبح السؤال المهم: هل رأس المال المتاح في مرحلة النمو كافٍ لدعم الشركات التقنية الرائدة وتمكينها من إكمال الخطوات الأخيرة قبل التخارج؟ باستخدام ثلاثة منهجيات مختلفة، فإننا نقدر الحاجة إلى ما يقارب 25 مليار دولار لتمويل مرحلة النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال السنوات الخمس المقبلة. هذا الكم من الاستثمار ضروري لتمكين منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من تحقيق إمكانياتها والنضوج إلى شركات تقنية ضخمة.

المنهجية الأولى: توقعات استثمارات رأس المال الجريء بناءً على حجم الناتج المحلي الإجمالي ونسبته

في الدول ذات قطاعات الاستثمار الجريء المتقدمة، تتراوح الاستثمارات سنوياً بين 0.2% و1.0% من الناتج المحلي الإجمالي، ويمكن أن تصل حصة مرحلة النمو من إجمالي الاستثمارات إلى 90% من حجم القطاع ككل.

استثمارات رأس المال الجريء كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي حسب البلد، 2018-2022 [11]

تقسيم استثمارات رأس المال الجريء حسب المرحلة والبلد، 2018-2022 [12]

نتوقع في الرسم البياني أدناه استثمارات رأس المال الجريء المطلوبة في المنطقة على افتراض أن نسبة هذه الاستثمارات إلى الناتج المحلي الإجمالي ستصل إلى 0.33% في عام 2028 وأن حصة مرحلة النمو سترتفع من 25% إلى 75%، في اتجاه موافق لما شهدته منظومة الاستثمار الجريء في الأسواق الأخرى. وهذا يوضح أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تحتاج إلى حوالي 39 مليار دولار أمريكي من استثمارات رأس المال الجريء بين عامي 2023 و2028، منها 26 مليار دولار أمريكي في مرحلة النمو.

استثمارات رأس المال الجريء في المنطقة، قيم فعلية وتوقعات (مليار دولار أمريكي) [13]

المنهجية الثانية: توقعات حجم الاستثمارات بناءً على شركات التقنية المليارية المحتملة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

استنادًا إلى تقريرنا السابق "من التأسيس وحتى الإدراج" - فإن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قادرة على إنتاج ٤٠ شركة تقنية مليارية بحلول عام 2030. واستنادًا إلى المؤشرات العالمية، تتطلب كل شركة تقنية مليارية في المتوسط ما يقرب من 270 مليون دولار من إجمالي التمويل [14]. مما يعني الحاجة إلى إجمالي مطلوب قدره 10.8 مليار دولار أمريكي لإنتاج 40 شركة مليارية جديدة. علاوة على ذلك، نتوقع معدل نجاح يصل إلى 40% للشركات التي تمر بمرحلة النمو والتي تقوم بجولات ضخمة. ما ينتج عنه إلى إجمالي 25 مليار دولار من متطلبات التمويل.

المنهجية الثالثة: معدل تخرج الشركات عبر مختلف المراحل

عند بداية منظومة جديدة للاستثمار الجريء، تتركز غالبية الاستثمارات، إن لم تكن كلها، في المراحل المبكرة بينما تتجسد فرص الاستثمار في مرحلة النمو عند نمو بعض الشركات من المراحل المبكرة بنجاح. نلاحظ أنه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تستغرق الشركة الواحدة عادة حوالي 8 سنوات لتتمكن من المرور بالدورة الكاملة من بداية التأسيس إلى التخارج. إن حقيقة أن المنطقة بدأت تضم مجموعة كبيرة من الشركات في المرحلة المبكرة في عام 2018 تقريبًا تفسر سبب دخولنا اليوم، بعد مرور 5 سنوات، إلى موسم شركات مرحلة النمو لأول مرة. ومن المتوقع وصول المزيد من الشركات التي تم احتضانها بعد عام 2018 إلى مرحلة النمو. يوضح الجدول أدناه متوسط عدد من المؤشرات التي تمت ملاحظتها عبر مختلف منظومات الاستثمار الجريء المشابهة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

إحصائيات واتجاهات جولات التمويل للشركات الناشئة [15]

يقيس معدل التخرج نسبة الشركات الناشئة التي تنتقل عبر مراحل التمويل من مرحلة إلى أخرى. يمكن للشركة الخروج من مسار التمويل إما لأنها تعثرت، أو أصبحت  مستدامة ذاتيًا، أو أنها سجلت تخارجًا ناجحًا.

في العادة، لكل 100 شركة تقوم بجمع جولات ما قبل A، نجد أن 37 منها تتخرج إلى الجولة A، و12 إلى الجولة B، و5 إلى الجولة C، و2 إلى الجولة D+ بإجمالي 157 جولة. إن الشركات التي تمر بجميع جولات التمويل، من مرحلة ما قبل A إلى الجولة D+، تجمع في المتوسط 271 مليون دولار إجمالاً. وأخيرًا، هناك حاجة إلى حوالي 2 مليار دولار من التمويل لدعم 100 شركة في مرحلة ما قبل A خلال رحلة نموها، منها 80% عبر جولات مرحلة النمو و20% عبر جولات المراحل المبكرة.

رسم توضيحي للتمويل  اللازم للشركات الناشئة حتى تتمكن من متابعة مسار التمويل بالكامل

وبالنظر إلى أنه على مدى السنوات الخمس الماضية في المنطقة، كان لدينا في المتوسط 468 شركة ناشئة بدأت وجمعت الجولة الأولى من الاستثمار كل عام، فإننا نقدّر أن الاستثمار السنوي المطلوب سيكون 9.5 مليار دولار أمريكي، منها 7.6 مليار دولار أمريكي سيتم تخصيصها للشركات في مرحلة النمو. نعرض أدناه توقعات الاستثمارات، مع الأخذ في الاعتبار 158 شركة في مرحلة النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا موجودة اليوم، ونفترض أن المنطقة ستستمر في المتوسط بإنتاج 468 شركة ناشئة جديدة سنويًا.

الاحتياجات التمويلية المتوقعة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في المراحل المبكرة ومرحلة النمو

4. هناك فجوة تمويلية ضخمة في مرحلة النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

إذا كان تمويل مرحلة النمو المطلوب في السنوات الخمس المقبلة يبلغ حوالي 25 مليار دولار، فما هو حجم رأس المال المتوفر للاستثمار الجريء حاليًا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؟ للإجابة على هذا السؤال، نظرنا إلى فئات المستثمرين المختلفة وقمنا بتقدير رأس المال المتوفر لكل منهم.

مستثمرو رأس المال الجريء في مرحلة النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وقدراتهم

1. صناديق الثروة السيادية في المنطقة

 تستثمر صناديق الثروة السيادية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الشركات التقنية التي تمر بمرحلة النمو إما من خلال صناديق/أقسام رأس المال الجريء المتخصصة (مثل سنابل في إطار صندوق الاستثمارات العامة، ومبادلة فنتشرز في إطار مبادلة)، أو مباشرة من الصندوق الرئيسي (ADQ كمثال). على الرغم من أن النشاط الاستثماري لهؤلاء المستثمرين كان متقطعًا حتى الآن، إلا أنهم يمتلكون أصول تحت الإدارة ضخمة ورأس المال اللازم ليصبحوا أكثر نشاطًا في المستقبل. يعتمد رأس المال المتوفر المقدر لهذه الفئة من المستثمرين المستخدم في تقديراتنا على الحد الأقصى لاستثماراتهم السنوية في رأس المال الجريء في مرحلة النمو.

2. شركات الاستثمار الجريء التي تختص بمرحلة النمو في المنطقة

عادةً ما يكون لدى الصناديق التي تركز على مرحلة النمو ما لا يقل عن 300 مليون دولار من التزامات المستثمرين التي تمكنها من تخصيص ما يصل إلى 45 مليون دولار لشركة الواحدة، مما يمنحها القدرة على قيادة جولات أكبر من 100 مليون دولار ومضاعفة أسهم محافظها الاستثمارية. وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يمتلك اثنان فقط من المستثمرين النشطين هذه القدرة: STV، التي تدير صندوقًا بقيمة 800 مليون دولار، وImpact46، التي تدير عددًا من صناديق مرحلة النمو وكذلك الأصل الواحد. ويركز كلا المستثمرين على شركات التقنية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بدون تركيز محدد على أحد القطاعات التقنية الفرعية. يعتمد رأس المال المتوفر المقدر لهذه الصناديق على أحجامها، وحجم الالتزامات الجديدة، ورأس المال المقدر الموزع.

3. شركات الاستثمار الجريء العالمية المختصة في مرحلة النمو والتي تستثمر في المنطقة

صناديق الاستثمار الجريء في مرحلة النمو والتي لديها إما سياسة استثمار تركز على مناطق أخرى ولكن من وقت لآخر تستثمر بشكل انتقائي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مثل Sequoia Capital India & SE (الآن Peak XY Partners) أو هي صناديق ذات سياسة استثمار حول العالم مثل SoftBank، وGeneral Atlantic وProsus وTiger Capital. يعتمد رأس المال المتوفر المقدر لهؤلاء المستثمرين على أحجام الصناديق ورأس المال المستثمر ونسبة استثمارات رأس المال الجريء المخصصة للمنطقة إلى إجمالي رأس المال المستثمر.

4. مستثمرون آخرون غير مستثمري رأس المال الجريء في المنطقة

هؤلاء المستثمرون الذين يتخذون من المنطقة مقراً لهم أو ينشطون عبر مختلف فئات الأصول الاستثمارية. قد يختلف اهتمامهم بشركات التقنية بمرور الوقت حيث تتنافس فئة استثمارات رأس المال الجريء مع فئات الأصول الأخرى. علاوة على ذلك، في حين أن بعضها يمتلك قدرات متوافقة مع احتياجات شركات التقنية في مرحلة النمو مثل Investcorp والمملكة القابضة وGulf Capital، فإن البعض الآخر أكثر عمومية مثل المكاتب العائلية أو وسطاء الاستثمار. ويستند التقدير لرأس المال المتاح لهؤلاء المستثمرين إلى حساب حجم الأصول المدارة ونسبة تخصيصهم لاستثمارات رأس المال الجريء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

تحتاج شركات التقنية التي وصلت لمرحلة النمو إلى مستثمرين يتمتعون بالتركيز المستمر والقدرات المتخصصة. يعد التركيز المستمر ضروريًا لضمان التوافر المستمر لرأس المال في الجولات اللاحقة وتجنب توجه رأس المال هذا إلى أصول أخرى من وقت لآخر. ومن جانب آخر تمثل القدرات المتخصصة أهمية بالغة فيما يتعلق بتقدير التقييم المناسب، دعم خلق القيمة وكذلك توجيه هذه الشركات الرائدة نحو عمليات تخارج الناجحة.

الفئتان الوحيدتان من المستثمرين الذين يتمتعون بمثل هذه السمات هما الأذرع الاستثمارية لصناديق الثروة السيادية الإقليمية وكذلك صناديق الاستثمار الجريء الإقليمية المتخصصة بمرحلة النمو. بفضل صندوقها البالغ 800 مليون دولار، كانت STV هي الأكثر نشاطاً بين عامي 2018 و 2022 في مرحلة النمو بعد استثمارها في 27 جولة. كان نشاط الأذرع الاستثمارية لصناديق الثروة السيادية الإقليمية متقطعاً إلى حد كبير حتى الآن لكنه بدأ يظهر مزيداً من الاتساق مؤخراً. من ناحية أخرى، أعاد مستثمرو رأس المال الجريء في مرحلة النمو من خارج المنطقة تركيزهم على أسواقهم الأساسية في ظل ظروف السوق المضطربة في عام 2022 بعد أن شاركوا في عدد من الاستثمارات في المنطقة عام 2021، هذا التراجع أدى بدوره إلى تفاقم فجوة رأس المال المتاح للشركات في مرحلة النمو. كان لفئة المستثمرين الآخرين (غير مستثمري رأس المال الجريء) دورًا مهمًا في سد هذه الفجوة مؤقتًا، لكن لا يزال من غير الواضح مدى استمرارية تركيزهم على قطاع الشركات التقنية في مرحلة النمو.

نعرض في الرسم البياني أدناه تقديراتنا لحجم رأس المال المتاح حاليًا للشركات التقنية في مراحل النمو في المنطقة والذي تبلغ قيمته حوالي 4.2 مليار دولار. وبالمقارنة مع احتياجات التمويل البالغة 25 مليار دولار، فإن هذا يعني أن السوق يشهد فجوة تمويلية يزيد حجمها عن 20 مليار دولار.

وفي العام 2023، كان لفجوة التمويل في المنطقة آثار واضحة تمنع شركات النمو من الوصول إلى الإمكانات الكاملة الموضحة في الفصل 3 من هذا التقرير. وانخفض التمويل في النصف الأول من عام 2023 بنسبة 42% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2022. ليس فقط ذلك، لكن عدد المستثمرين النشطين انخفض أيضًا بأكثر من النصف وهو انخفاض بنسبة 55% على وجه الدقة.

حجم تمويلات رأس المال الجريء في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، نصف سنوي 2019-2023 [18]

من الأسباب الرئيسية لهذا الانخفاض هو أن المستثمرين الدوليين، الذين كانوا نشطين للغاية في المنطقة في السابق، قد تراجعوا عن الاستثمار في المنطقة. لعب هؤلاء المستثمرون دوراً كبيراً في عام 2022، إذ شكلوا 50% من المستثمرين في صفقات المراحل المتأخرة. لكن بحلول النصف الأول من عام 2023، انخفضت مشاركتهم إلى 28% [19] فقط.
يمكن رؤية تحول مثير للاهتمام عندما نركز على كبار المساهمين. في النصف الأول من عام 2022، كان أكثر 10 مستثمرين، مصنفين حسب رأس مالهم المقدر من قبل Magnitt، مسؤولين عن 26% من إجمالي رأس المال الموزع. وعند النظر للنصف الأول من عام 2023، ارتفع هذا الرقم إلى 62%. ومع ذلك، فإن تركيبة هؤلاء المستثمرين الكبار تكشف المزيد. ومن بين هذه الشركات العشرة الرائدة في عام 2022، كان هناك 4 فقط في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا و7، أي الأغلبية، كانت من صناديق الاستثمار الجريء. أما ما حدث في العام الحالي، وفي تحول واضح، فإن جميع المستثمرين العشرة الأوائل هم من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. والجدير بالذكر أن 3 منها فقط هي من شركات الاستثمار الجريء، حيث كانت STV هي المستثمر الوحيد الذي احتفظ بتصنيفه العشرة الأوائل في كلا العامين [20].

المستثمرون النشطون في جولات الشركات الناشئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا [21]

يواجه المستثمرون المحليون، الذين يتمتعون بوضع مثالي لسد هذه الفجوة التمويلية، تحدياً يتعلق بالسيولة ومحدودية رأس المال المتاح أو الأموال الجاهزة لاستثمارها في الشركات، مما يحد من قدرتهم على المشاركة في استثمارات كبيرة. مع تراجع المستثمرين الدوليين عن المنطقة ومواجهة المستثمرين المحليين لقيود توفّر رأس المال، تمثّل هذه الثنائية خطراً جمّاً على مستقبل المنظومة.

في جميع أنحاء العالم، عادةً ما تضم الشركات المليارية 3 مستثمرين في مرحلة النمو من بين مساهميها. في المتوسط، تدير صناديق الاستثمار الجريء 20 شركة في محافظها الاستثمارية، ويحقق 20% منها عوائد عالية تتجاوز قيمة الصندوق ككل. وبالنظر إلى توقعاتنا السابقة بظهور 40 شركة مليارية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فإن هذا يؤكد الحاجة إلى وجود ما لا يقل عن 10 مدراء إقليميين لصناديق الاستثمار الجريء المتخصصة في مرحلة النمو.

التركيبة المعتادة للشركة التقنية المليارية عالميًا [23]

5. للحكومة دورٌ حاسم في سد هذه الفجوة

كما أشرنا سابقاً، تحتاج صناديق الاستثمار الجريء المتخصصة في مرحلة النمو إلى جمع رأس المال من المستثمرين المؤسسيين مثل صناديق الثروة السيادية وصناديق التقاعد وصناديق الأوقاف. ومع ذلك، فإن هؤلاء المستثمرين المؤسسيين لديهم سياسات داخلية صارمة للغاية تعطي الأولوية لتخصيص رأس المال للصناديق التي تظهر سجلاً حافلاً من حيث التخارجات. ولكن لا يتوفر مثل هذا السجل الحافل للصناديق التي تستثمر في مرحلة النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بعد، وذلك ببساطة لأن هذا القطاع لا يزال حديث العهد. لذلك تبرز الحاجة هنا إلى ضخ المزيد من رؤوس الأموال للشركات التقنية في مرحلة النمو وتمكينها من تحقيق عمليات تخارج ناجحة. على الجانب الآخر، هناك حاجة إلى المزيد من عمليات التخارج لتعزيز سجل صناديق رأس المال الجريء والذي من شأنه أن يسمح لهم بجمع رؤوس أموال إضافية. حل هذه المعضلة المهددة لمستقبل القطاع يتطلب النظر إلى مرحلة النمو في الاستثمار الجريء كفئة استثمارية مستقلة وجذّابة لصناديق الثروة السيادية والحكومات التي يمكن أن يكون لها دور محوري لضمان وصول السوق إلى النضج الكافي دون خلق تشوهات ضارة.

في المنظومات الناضجة، يقوم السوق بنفسه بحل كلتا القضيتين، ولكن في المنظومات الناشئة مثل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لن يحدث هذا. ويتمثل عنق الزجاجة الرئيسي في الافتقار إلى سجل حافل فيما يتعلق بعمليات التخارج، وهو ما يَثني مستثمري القطاع الخاص عن ضخ رأس المال في الصناديق المتخصصة في مرحلة النمو. وهنا يصبح دور القطاع الحكومي وشبه الحكومي حاسماً. هنالك عدة مبادرات يمكنها معالجة هذه الإشكالية.

يحتاج القطاع العام إلى ضخ المزيد من رأس المال إلى صناديق مرحلة النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ويمكن إسناد هذه المسؤولية إلى فئات مختلفة من مدراء الأصول العامة:

صناديق الصناديق العامة

كان لكل من الشركة السعودية للاستثمار الجريء، وصندوق الصناديق (جدا) دورًا حاسمًا من خلال تخصيص ما يتراوح بين 10 إلى 30 مليون دولار في المتوسط لصناديق الاستثمار الجريء في المراحل المبكرة. وتمكنوا بمرور الوقت من تطوير القدرات اللازمة لإجراء الفحص النافي للجهالة بشكل صارم على مدراء الصناديق وكذلك توجيه مدراء الصناديق نحو أفضل الممارسات، واكتسبوا فهمًا عميقًا للمنظومة المحلية. وهم في وضع جيد للاضطلاع بدور مماثل مع صناديق مرحلة النمو من خلال زيادة مخصصاتهم إلى 100-300 مليون دولار لكل استثمار.

صناديق الثروة السيادية

يمكن لصناديق الثروة السيادية أن تبدأ في تخصيص رؤوس الأموال بشكل مباشر لصناديق مرحلة النمو. إن الحجم الأكبر للتخصيص مقارنة بأموال المرحلة المبكرة أكثر توافقًا مع حجم الاستثمار المعتاد لصندوق الثروة السيادية. علاوة على العوائد المالية، فإن التعاون المباشر بين صناديق الثروة السيادية ومستثمر رأس المال الجريء في مرحلة النمو يمكن أن يكون مفيدًا للطرفين، عبر مساندة صناديق الثروة السيادية في  الوصول في الوقت المناسب إلى الشركات التقنية الناجحة التي يمكن تعزيزها بشكل أكبر بدعمها في الطرح العام أو التوسع العالمي بشكلٍ مباشر.

صناديق التقاعد

تعد صناديق التقاعد من بين المستثمرين الأكثر قرباً لصناديق الاستثمار الجريء على مستوى العالم. في معظم دول مجلس التعاون الخليجي، وذلك لأنها تستهدف العوائد المالية طويلة الأمد. و لا تتضمن سياسات الاستثمار لصناديق التقاعد الاقليمية اليوم تخصيصاً لصناديق الاستثمار الجريء في المنطقة، بل على العكس من ذلك، يُحظر عليها في بعض الحالات القيام بذلك. تمثل اليوم صناديق الاستثمار الجريء في المنطقة فئة أصول جذابة، علاوة على أنه من الكافي أن يكون هناك حد أدنى من تخصيص الأصول تحت الإدارة الضخمة التي تديرها صناديق التقاعد الإقليمية لخلق أثر ضخم في صناعة رأس المال الجريء وبناء علاقة مستدامة طويلة الأجل بين صناديق التقاعد الإقليمية وصناديق الاستثمار الجريء الإقليمية.


ويمكن توجيه رؤوس الأموال في مرحلة النمو لفئات مختلفة من مدراء الأصول:

صناديق مرحلة النمو الإقليمية 

مدراء صناديق رأس المال الجريء المختص في مرحلة النمو في المنطقة في وضع جيد لمواصلة قيادة المنظومة. حيث أن لديهم سجلات استثمار ناجحة في مرحلة النمو، وإن كانت مدتها محدودةً وتخارجاتها معدودة نظراً لنضج السوق ككل، كما تمتلك هذه الصناديق المعرفة والفهم لتحديد ودعم الشركات التقنية ذات الإمكانات الأعلى.

الصناديق الإقليمية للمرحلة المبكرة

هناك فرصة لنقل صناديق المراحل المبكرة الإقليمية بشكل انتقائي إلى صناديق تستثمر في مرحلة النمو من خلال تزويدها بتمويلات إضافية لمواصلة استثماراتها في شركات المحفظة الاستثمارية أو مساعدتها على جمع صندوق أكبر لمرحلة النمو. لقد اكتسبت صناديق المراحل المبكرة الخبرة والمعرفة ذات الصلة، كما أن تزويدها بالتمويل اللازم لمضاعفة معدلات نجاح الاستثمار في محافظها الاستثمارية من شأنه أن يساعدها خلال الانتقال بشكل طبيعي إلى قطاع مرحلة النمو.

صناديق مرحلة النمو العالمية

يمكن لصناديق الاستثمار في مرحلة النمو العالمية أن تجلب الخبرات ذات الصلة وربما الاستثمار الأجنبي المباشر أيضًا إلى منظومة المنطقة، وقد استثمر بعضهم بالفعل بشكل متقطع. يمكن تحفيز هذه الفئة بشكل أكبر لإنشاء مكاتب إقليمية دائمة في المنطقة واستثمار رؤوس الأموال داخل المنطقة.

مستثمري مراحل النمو ومصادر تمويلهم

6. خاتمة

في ضوء الإمكانات العالية والتقدم الذي تشهده منظومة الشركات التقنية الناشئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والتي لا تنقص اقتصاداتها المالية والبشرية القدرة على إنتاج العديد من الشركات التقنية الناجحة، لا يمكن التغاضي عن النقص الحاد في التمويل، والبالغ ما نقدره بـ 20 مليار دولار. ورغم أن الأساس الذي تقوم عليه المنطقة متين -اقتصادياً وبشرياً- فإن هذه الفجوة التمويلية تهدد بوقف الزخم. لقد حان الوقت للمستثمرين المحليين المتخصصين، جنبًا إلى جنب مع الدعم الحكومي، لتحفيز هذه المنظومة نحو المرحلة القادمة. ومن خلال سد فجوة التمويل بشكل فعّال، لا تقتصر العوائد الممكنة على الجوانب المالية وضمان الحفاظ على المسار الواعد فحسب، بل تمثل كذلك فرصةً لزيادة تسارع القطاع، مما يعزز اقتصادات المنطقة كقوة تقنية عالمية، ويضع المنطقة على قائمة المنظومات الأكثر ابتكارًا وجاذبية مقارنةً ببقية الأقاليم حول العالم.

من التأسيس وحتى الإدراج: فرصة الـ100+ مليار دولار

المقدمة

تعد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سوقاً جذاباً لتعزيز نمو الشركات التقنية حيث تمرّ الآن بنقطة تحول تصاعدية في مسار نموها. نؤمن أن المنطقة قادرة على خلق 45 شركة مليارية بحلول عام 2030 بالإضافة إلى شركات تقنية عملاقة قادرة على الإدراج في الأسواق العامة والحفاظ على استقلاليتها وتركيزها على ابتكار ما يدعم احتياجات السوق المحلي. نشارك في هذا التقرير بعضاً من التحليلات والاستنتاجات في دعم وتعزيز منظومة ريادة الأعمال، كما نشارك استراتيجيتنا لدعم نمو الشركات التقنية في عدة قطاعات ودول في المنطقة. 

قفزة نوعيّة في الطلب على المنتجات الرقمية مع وجود فجوات كبرى في الخدمات التقليدية أسهمت في خلق فرصة مميزة للمنطقة

تتميز منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بأن أكثر من 55% من سكانها تقل أعمارهم عن 30 عام، مع معدل نمو سكاني يقدّر بـ 1.6٪ كل عام. عُرف سكان المنطقة بتعطشهم للمحتوى الرقمي حيث يبلغ متوسط الاستخدام اليومي لوسائل التواصل الاجتماعي بـ3.5 ساعات، مما يخلق فرصة مميزة في المنطقة مقارنة بالمناطق الأخرى حول العالم.

تتميز منطقتنا بشبابها فهو سريع التطور ومتبنٍ جيّد للتقنية بالإضافة لامتلاكه قدرة شرائية عالية تمكنهم من استغلال التقنية للتسوق والتعاملات المالية والتعليم والظهور الاجتماعي، تخلق هذه الخصائص طلبًا مرتفعاً على المنتجات والخدمات الرقمية في جميع القطاعات. تتمتع الشركات التقنية التي تتمكن من جذب هذه الفئة من المستخدمين بنمو متسارع ومعدلات ربحية عالية.

تمثل ضخامة فجوة العرض للخدمات التقليدية في مختلف القطاعات جسراً للشركات التقنية للوصول لفئة واسعة من المستهلكين والمستخدمين ممن يعانون من نقص الخدمات. تبدو هذه الفجوات بارزة بشكل أوضح في القطاع المصرفي، حيث ما زال 45% من سكان المنطقة يعانون من محدودية الخدمات المصرفية المقدمة لهم. وبالنظر لقطاع التجزئة فلا تتجاوز نسبة المساحات القابلة للتأجير ربع نظيراتها في الأسواق المتقدمة، مما يعزز فرص شركات التقنية المالية والتجارة الإلكترونية في اكتساب شريحة أكبر من العملاء وتحقيق معدلات أعلى من الأرباح.

تطول قائمة القطاعات غير المخدومة والتي تشكل فرصة ذهبية للشركات منها قطاع الخدمات اللوجستية الذي ما يزال مشتتاً بشكل كبير وبحاجة للتطوير، بالإضافة إلى القطاع العقاري من الوساطة والبيع إلى التمويل وما يعانيه اليوم من نقص الشفافية وسيطرة الشبكات غير الرسمية من سماسرة العقارات.

تمر المنظومة التقنية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بنقطة تحول تصاعدية في مسار نموها في ظل وجود مساحة كبيرة للنمو

توقعنا في تقريرنا السابق بعنوان 'ما مقدار النمو الذي يمكن أن يحققه قطاع رأس المال الجريء في المملكة العربية السعودية بحلول العام 2025؟' الصادر عام 2019 أننا بحاجة لست سنوات حتى تصل قيمة استثمارات رأس المال الجريء إلى 2.6 مليار دولار و500 مليون دولار في المنطقة والمملكة على التوالي، ولكن الواقع هو أن هذه المستويات أصبحت حقيقة في غضون سنتين فقط. 

يتبع مسار النمو في المنظومات التقنية مساراً تصاعدياً لا خطياً، متميزاً بنمو متسارع مفاجيء يمثل نقطة تحول تصاعدية. شهدت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هذه النقطة التحولية في عام 2021، إذ ارتفعت قيمة استثمارات رأس المال الجريء وحجم الصفقات (الجولات الاستثمارية بقيمة تتجاوز خمسة ملايين دولار) ارتفاعاً كبيراً. ويأتي هذا التسارع في المنظومة الإقتصادية والتقنية نتيجة للتحسينات في عدة نواحي مثل توافر المواهب والبنية التحتية التقنية ومعدل تبني المستهلكين للتقنيات، بالإضافة إلى الإصلاحات الاقتصادية والتشريعية. 

ولكن بالرغم من هذا النمو إلا أن نسبة قيمة استثمارات رأس المال الجريء مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مازالت تقع عند مستويات منخفضة بشكل كبير مقارنة بالمناطق والدول الأخرى وتحتاج للنمو بما يعادل  5 أو 10 أضعاف ما هي عليه اليوم حتى تتماشى مع معدلات الدول النامية، فضلاً عن الدول المتقدمة.

تشهد المنطقة اليوم بدايات ظهور الشركات المليارية، مع وجود فرصة لخلق أكثر من 45 شركة مليارية في السنوات السبع القادمة تقدّر قيمتها بـ100+ مليار دولار أمريكي

بعد مقارنة معدل ظهور الشركات المليارية[2] في الأسواق المقاربة لمنطقتنا من ناحية الناتج المحلي الإجمالي و/أو التعداد السكاني مثل البرازيل وألمانيا والمملكة المتحدة والهند وكوريا الجنوبية، بالإضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية -وذلك بعد تعديل عدد الشركات المليارية فيها بحسب فارق الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بالمنطقة- نجد أن معدل ظهور الشركات المليارية في معظم الأسواق يتبع مساراً تصاعدياً وبشكل متشابه عبر مختلف الأسواق المقارنة.

باعتبار أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سوف تتبع نفس هذا المسار، من المتوقع ظهور 45 شركة مليارية بحلول عام 2030، أي خلال 10 أعوام من إعلان كريم كأول شركة مليارية في المنطقة، هذا ما استنتجناه بعد متابعة النمو المتسارع لعدة شركات تقنية يرتفع تقييمها سنوياً. نؤمن أن محفظة صندوق STV الأول قادرة على توليد العديد من الشركات المليارية خلال الـ 3-5 سنوات القادمة.

وبحسب المقارنة ذاتها مع الأسواق المقاربة لمنطقتنا، نجد أن قيمة الـ 45 شركة مليارية المتوقع ظهورها في المنطقة ستصل لمائة مليار دولار ومن المتوقع أن تحقق بعض هذه الشركات تقييمات أعلى بكثير من مليار دولار، أي أن المنطقة قادرة خلال السبع سنوات القادمة على خلق شركة بتصنيف ديكاكورن “Decacorn” وهي شركة تقنية تبلغ قيمتها ١٠ مليار دولار.

ما تزال فرصة ظهور الشركات التقنية العملاقة في المنطقة قائمة 

شهدت معظم المناطق حول العالم ظهور شركات تقنية عملاقة مسيطرة على السوق، تخدم هذه الشركات عدة قطاعات ودول، وتملك قاعدة مستخدمين كبيرة تمنحها ميزة تنافسية أمام الشركات الأخرى.

وجود عدة مؤثرات داعمة لظهور عملاق تقني في المنطقة

هنالك عدد من المؤثرات التي تجعل من ظهور عملاق تقني نتيجة حتمية لتطور ونضوج منظومة الأعمال في أي منطقة، حيث تتميز هذه الشركات العملاقة بنموذج عمل ونقاط قوة تكسبها ميزة تنافسية قوية وتصعّب من منافستها. 

تأثير الشبكة: تستفيد بعض المنصات التقنية من تأثير الشبكة حيث ترتفع قيمة الخدمة بارتفاع عدد المستخدمين المتبنين لها. تستفيد من هذا التأثير الشركات التقنية العملاقة الموزعة على عدة دول أو على عدة قطاعات من خلال استغلال توسع خدماتها أو عملياتها في منطقة أو قطاع معين لتعزيز نموها في قطاع آخر.

استمرارية العملاء: غالباً ما توفر الشركات التقنية العملاقة لعملائها خيار الإشتراك لفترات زمنية محددة مقابل مزايا، مثل: التوصيل المجاني أو برامج الولاء، هذه الطرق التسويقية أظهرت فعاليتها في الحفاظ على استمرارية استخدام العملاء للخدمة ورفع معدل الإيرادات لكل مستخدم "ARPU"

البيع المتقاطع: تستفيد الشركات من بيع منتجات وخدمات جديدة على عملائها بعد أن تكوّن قاعدة عملاء كبيرة في بداياتها، حيث تتمتع بتكلفة اكتساب عملاء منخفضة مقارنة بالشركات التي تقدم خدمة واحدة. يظهر هذا جليّاً في الشركات التي تُستخدم خدماتها بشكل متكرر مثل تطبيقات خدمات النقل وتوصيل الطعام والبقالة الإلكترونية، هذه التعاملات اليومية أو الأسبوعية مع المستخدمين تعزز من ثقتهم ومعرفتهم بالخدمة وتقدم فرصة للشركات لتسويق منتجات أخرى.

التخصيص: تراكم البيانات الضخمة يمكّن الشركات التقنية من استخلاص معلومات قيمة تساعد على الاستمرار في تطوير المنتجات والخدمات المقدمة وتسعيرها وإيصالها بالشكل الأمثل لكل عميل.

اقتصاديات الحجم: كما هو معروف في أي نشاط تجاري، يوفر النمو في الحجم القدرة على تخفيض معدل التكاليف بالإضافة لتوفير الفرصة لشركات التقنية العملاقة لجذب القدرات التقنية النادرة ورفع جدوى الإنفاق على الأبحاث والتطوير.

وصلت اليوم منظومة ريادة الأعمال في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لمستوى نضج موائم لظهور عملاق تقني، والذي يمكن أن يتحقق من خلال أحد الطرق التالية: أن يتوسع لاعب قيادي في القطاع بشكل طبيعي إلى قطاعات وأسواق جغرافية جديدة، أو عمليات الاندماج والاستحواذ بين لاعبين أو أكثر، أو مزيج من هذه الطريقتين.

ميزتان تمكّن المملكة العربية السعودية من أن تصبح المصدر الأول لشركات الديكاكورن “Decacorn” في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: إجمالي حجم الناتج المحلي الكبير وسوق مالية عميقة

تمثل المملكة العربية السعودية نقطة الارتكاز الأهم للشركات التقنية للتوسع عبر منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بما في ذلك المناطق المجاورة لها والتي تشمل أفريقيا الوسطى وجنوب شرق أوروبا وجنوب غرب آسيا. 

تنبع قوة جذب المملكة من عاملين رئيسيين: 

إجمالي حجم الناتج المحلي، حيث يشكل ثلث مجموع إجمالي الناتج المحلي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. يعد التوسع والنجاح في السوق السعودي خطوة أساسية لمعظم الشركات الناشئة في المنطقة حتى تصبح شركة مليارية، بغض النظر عن الدولة التي نشأت فيها هذه الشركة.


حجم وعمق سوق الأسهم، حيث تتزايد أهمية خيار الإدراج العام لدى صناديق رأس المال الجريء كوسيلة للتخارج من الشركات المستثمر بها. وتؤثر فرصة التخارج من خلال الإدراج في سوق الأسهم إيجابياً على استراتيجية وطموح هذه الشركات الناشئة التي بدأت تغير رؤيتها السابقة التي كانت تعتمد على تقديم حلول متخصصة وتقليدية تستهدف بها أن تكون أهداف للاستحواذ من قبل الشركات العالمية، إلى استراتيجية تطوير حلول مخصصة للسوق المحلي بهدف أن تكون شركة رائدة في مجالها وقادرة على الاستمرار بشكل مستقل في المنطقة.

تتميز السوق المالية السعودية بأساسيات قوية ومنحى إيجابي  

تمر المملكة العربية السعودية بمرحلة سريعة التحول، مدفوعة بعدة برامج ومبادرات تطويرية وإصلاحات مستمرة في الأنظمة والقوانين ودعم واضح للقطاع الخاص وتطوير المواهب. تعد السوق المالية السعودية أحد أمثلة هذا التحول والتي شهدت مؤخراً تطورات هيكلية وتنظيمية وتقنية بارزة تتماشى مع الممارسات المتبعة في الأسواق العالمية، والتي توجت بالإدراج في مؤشرات MSCI وFTSI للأسواق الناشئة في 2019، بالإضافة إلى إدراج أول شركة تقنية مدعومة برأس المال الجريء في السوق السعودية، والتي تم تغطيته بنسبة 20 ضعف المطروح مما يعكس شهية المستثمرين المرتفعة لهذا النوع من الشركات.

للمشرّعين والجهات الحكومية الأخرى دور محوري في تعزيز نمو المملكة خلال هذه المرحلة وجذب الموارد الإقليمية والعالمية لتحقيق رؤيتها، ويشمل ذلك:

برنامج تطوير القطاع المالي أحد برامج تحقيق رؤية المملكة 2030 حيث قاد عدة تغييرات إصلاحية أساسية في القطاع المالي السعودي، نتجت عن هذه الإصلاحات الترخيص لثلاثة بنوك رقمية وإطلاق مختبرات التقنية المالية "Sandbox" تحت إشراف البنك المركزي السعودي وهيئة السوق المالية بالإضافة إلى دعم التحول للمدفوعات الرقمية والمصرفية المفتوحة، انتهاء باستراتيجية التقنية المالية. 

نظام الشركات السعودية الجديد والذي يعالج العديد من التحديات التنظيمية ​ويوفر بيئة نظامية محفزة للشركات الناشئة ومستثمري رأس المال الجريء. هذا النظام يسمح بإصدار فئات أسهم بحقوق مختلفة وكذلك أدوات دين قابلة للتحويل، أسهم الموظفين وانتهاءً بالسماح بنوع جديد للشركات وهو شركة المساهمة البسيطة التي تسمح ببنود حوكمة تحمي ملاك الأقلية وكذلك بنود تجارية تتطلبها صفقات رأس المال الجريء.

كان لمختبرات التقنية المالية "Sandbox" التي تهدف لاختبار الحلول التقنية قبل منح الترخيص دور أساسي في دعم تطوير هذا القطاع. تعد سياسة المصرفية المفتوحة التي أطلقها البنك المركزي السعودي في أواخر عام 2021 خطوة مهمة في دعم التحول الرقمي الذي سيعزز من فرص ظهور حلول مبتكرة في التقنية المالية مستقبلاً.

تخلق استثمارات رأس المال الجريء في المراحل المتأخرة قيمة سوقية كنتيجة للنمو العالي لهذه الشركات ولطبيعة استثمارات رأس المال الجريء التي تتمثل في حصص أقلية، وهذا ما يعادل خلق قيمة سوقية بأضعاف قيمة الاستثمار الأولي. تشير دراستنا إلى أن التصاعد المستمر في وتيرة الاستثمارات في المراحل المتأخرة يخلق فرص بقيمة تتجاوز 100 مليار ريال من القيمة الإسمية التي يمكن لسوق تداول جذبها. نرى اليوم مؤشرات إيجابية لهذا الاتجاه والمتمثل في اكتتاب شركة جاهز العالمية، والذي استحوذ على 50% من فرصة القيمة السوقية لعام 2022.


تمثّل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سوقاً جذاباً للشركات التقنية بوجود ارتفاع واضح في معدل الطلب الاستهلاكي مقارنة بالمناطق الأخرى مصحوباً بالنقص في الخدمات التقليدية، كما تعزز عدة عوامل أخرى مثل توافر رأس المال الجريء والمواهب والإصلاحات التشريعية من مستقبل المنطقة وقدرة القطاع التقني فيها على التوسع لأسواق جديدة. يبلغ وزن قطاعات تقنية المعلومات من وزن مؤشر S&P500 اليوم ما يعادل 48 ضعف وزن القطاع في مؤشر تداول. قفزت الشركات التقنية لقمة سوق الأسهم الأمريكي في غضون خمسة سنوات فقط، ولا يوجد سبب يمنع القطاع من أن يحدث تغيير مشابه للأسواق المتقدمة في تداول بدأً من اليوم.

لضمان تنافسية خيار الطرح العام في سوق تداول للشركات وتوفير عملية إدراج سريعة وعالية الكفاءة فإن الأنظمة والمتطلبات الهيكلية والضريبية تحتاج أن تكون مماثلة لأكثر الأسواق تنافسية عالمياً. هذا سيؤدي في النهاية لتقليص الوقت الإجمالي لعملية الإدراج ويضمن استمرارية تمويل شركات التقنية عالية النمو، وكذلك القدرة على التخارج خلال المدة التقليدية لصناديق الاستثمار الجريء. مثل هذه التسهيلات تشمل السماح ببنود تضمن حقوق الأقلية مع ضمان أقل تأثير على ملكية رواد الأعمال، تخفيض الآثار الضريبية الناتجة عن إعادة الهيكلة و المتماشية مع أكثر المناطق القضائية الأكثر جاذبية ونهايةً بتساوي المعاملة مع المستثمرين الجريئين المحليين والأجانب.

استراتيجية STV الاستثمارية لتمكين خلق شركات بتصنيف ديكاكورن "Decacorn"  في المملكة العربية السعودية وتعزيز نموها 

مكننا العمل بشكل مباشر ونشط مع  شركات محفظتنا من رسم استراتيجية لدعم نمو الشركات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومواجهة تحديين رئيسيين وهما: تشتت سوق المنطقة على عدد كبير من الدول، ومحدودية حجم الأسواق في كل دولة على حدة.   

تشمل هذه الاستراتيجية ثلاثة مراحل أساسية: المرحلة الأولى تهدف لتعزيز نمو الشركة من خلال التوسع والنجاح وتبوء مركز قيادي في السوق السعودي. أما المرحلة الثانية فتهدف إلى توسع الشركة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتسريع نموها من خلال الاندماج والاستحواذ مستفيدة من الخبرات والتجارب المكتسبة في المرحلة الأولى، ويمثل الاندماج والاستحواذ أداة فعّالة للتوسع في أسواق جغرافية جديدة أو منتجات جديدة متجنبة محدودية حجم السوق في الدول المجاورة. أما المرحلة الثالثة فهي تهدف إلى المحافظة على استقلالية الشركة وإيصالها لأعلى مراحل النمو الممكنة من خلال الإدراج العام في سوق الأسهم.

عدد من الشركات في محفظتنا الاستثمارية اليوم في مراحل متأخرة من تطبيق هذه الاستراتيجية ومن المحتمل ادراجها في الأسواق العامة قريباً، ونحن مؤمنون أن العديد من الشركات المحلية قادرة على اتباع خطوات هذه الشركات الناجحة في المستقبل.

تمر منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمرحلة نمو متسارعة مدفوعة بإصلاحات ومبادرات تهدف لدعم الشركات الناشئة ومتميزة بشبابها سريع التطور ومنظومتها التقنية وحجم السوق المالية في المملكة العربية السعودية. نؤمن أن الطريق لتحقيق فرصة الـ 100+ مليار دولار في المنطقة تكمن في التوسع والنجاح في أكبر أسواق المنطقة، ثم تكرار هذا النجاح في أسواق مختلفة، وأخيراً الحفاظ على استقلالية الشركة داخل المنطقة وتعزيز نموها.

[1] تشمل المساحات من الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وسنغافورة وأستراليا والمملكة العربية السعودية وعمان بيانات من مدن مختلفة

[2] الشركات الناشئة التقنية التي وصلت قيمتها إلى ١ مليار دولار وأكثر

[3] الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة (22.7 تريليون دولار) يعادل 8.7 أضعاف منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. لجعل المنطقتين قابلتين للمقارنة، عدلنا عدد الشركات المليارية في الولايات المتحدة بمعامل 1 لكل 8.7 شركة

[4] تقديرات STV مبنية على مقارنات معيارية تقييمات الشركات المليارية في مناطق مشابهة (أمريكا اللاتينية، أوروبا، آسيا ودول المحيط الهادئ)

ما مقدار النمو الذي يمكن أن يحققه قطاع رأس المال الجريء في المملكة العربية السعودية بحلول العام 2025؟

الملخص التنفيذي

تشهد استثمارات رأس المال الجريء نمواً سريعاً في المملكة العربية السعودية ومن المحتمل أن يتضاعف حجم رؤوس الأموال المستثمرة عشر أضعاف لترتفع من 50 مليون دولار أمريكي في العام 2018 إلى 500 مليون دولار أمريكي في العام 2025. ومن شأن تحقيق هذا النمو أن يؤدي إلى ضخ استثمارات تبلغ إجمالاً ملياري دولار أمريكي خلال الفترة بين العامين 2019 و2025. وتشير تقديرات شركة "STV" إلى أن 350 مليون دولار من إجمالي تلك الاستثمارات ستستهدف المشاريع في مراحلها المبكرة، في حين سيتم استثمار باقي الأموال في مختلف مراحل منظومة الاستثمار، بدايةً من الاستثمار في جولة التمويل الأولى حتى الاستثمار في المراحل المتأخرة من المشاريع.

ومن المنتظر أن يؤدي وصول حجم الاستثمارات السنوية المجمعة لرأس المال الجريء إلى 500 مليون دولار أمريكي إلى الارتقاء بالمملكة العربية السعودية إلى مصاف الدول التي كان لهذا القطاع دور محوري في اقتصادها – مثل فرنسا وكوريا الجنوبية والإمارات العربية المتحدة التي تمثل الاستثمارات السنوية لرأس المال الجريء بها 0,1% من إجمالي الناتج المحلي لها. ويمثل وصول تلك الاستثمارات إلى 500 مليون دولار أمريكي بحلول العام 2025 نموًا سنويًا بمعدل 40% خلال السنوات السبع القادمة – وهو مسار سبق لدول أخرى تحقيقه وتستطيع المملكة العربية السعودية تحقيقه أيضًا في ظل رؤيتها الطموحة وتطلعاتها المستقبلية.

علاوةً على ذلك، فإن مكانة المملكة باعتبارها قوة اقتصادية إقليمية تمنحها فرصة كبيرة للاستحواذ على حصتها العادلة من استثمارات رأس المال الجريء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالنظر إلى إجمالي الناتج المحلي لها. ولذلك، كان من المفترض أن يصل حجم تلك الاستثمارات إلى 235 مليون دولار أمريكي في العام 2018، على افتراض استحواذ المملكة على 35% من رؤوس الأموال المستثمرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وفقًا لنسبة مساهمتها في إجمالي الناتج المحلي للمنطقة.

نحن على يقين أن المملكة أصبحت الآن على أعتاب تحقيق تلك الإمكانات للأسباب التالية:

  1. الطلب الكبير على المنتجات التقنية من الأفراد والشركات والجهات الحكومية
  2. عمليات التخارج الأخيرة التي أثبتت جدوى نموذج رأس المال الجريء في المنطقة، في الوقت الذي عززت فيه الحلول التقنية الناجحة سعودية المنشأ من جاذبية القطاع التقني للكفاءات العالية
  3. دخول المنظومة التقنية وسلسلة القيمة على الخط بوصفهما من عوامل التمكين السريع التي تيسّر تأسيس المشاريع الرقمية
  4. وجود عدد متزايد من حاضنات الأعمال وصناديق رأس المال الجريء مما أسهم في نضج المنظومة
  5. التحسن الكبير في سهولة ممارسة أنشطة الأعمال نتيجة اللوائح التنظيمية الجديدة الملائمة لريادة الأعمال

يمكن دعم نمو المنظومة بإجراء عدد من التغيرات الحيوية، ومن بينها إدخال تعديلات على قانون الشركات السعودي ووضع تشريعات تتيح إنفاذ سندات الدين الناتجة عن استثمارات رأس المال الجريء كما هو الحال في الأسواق الأكثر نضجًا. ومن شأن تنفيذ تلك التغييرات والتعديلات أن يمهد الطريق أمام ضخ الاستثمارات في مرحلة تأسيس الشركات الناشئة وفي المراحل المبكرة لها. كذلك، يظل توافر الكفاءات من المعوقات الأساسية، لكن الشباب السعودي يتمتع بالحماس والرغبة في الدخول إلى المجال التقني وتأسيس المشاريع، هذا إلى جانب إمكانية الوصول إلى مصادر التعليم الافتراضي، لذلك، نتوقع أن تضيق هذه الفجوة في المستقبل القريب.

ورغم هذه التحديات، تمثل الشركات الناشئة في المملكة فرص استثمار جذابة لصناديق رأس المال الجريء، وذلك بفضل اللوائح الحكومية الجديدة ونضج سلسلة القيمة (value chain)، والأهم من ذلك كله، التوسع السريع في تبني التقنيات في السوق. تشهد استثمارات رأس المال الجريء نموًا سريعًا في المملكة العربية السعودية ...

يزدهر قطاع استثمارات رأس المال الجريء في المملكة العربية السعودية في ظل النمو الأخير في النشاط الاستثماري، حيث ارتفعت تلك الاستثمارات من 7 ملايين دولار أمريكي في العام 2015 إلى 50 مليون دولار أمريكي في العام 2018، بحسب البيانات العامة المتاحة. ويمثل هذا نموًا سنويًا مركبًا بمعدل 90% خلال السنوات الثلاث الماضية، وقد استُثمِرَت تلك الأموال في ما يقرب من 90 مشروعًا. ومن المرجح أن هذا الرقم لا يعكس إلا نسبة من الاستثمارات الفعلية، حيث لم يتم الإعلان عن الكثير من الاستثمارات في مرحلة ضخ رأس المال التأسيسي ومرحلة الاستثمارات الأولى في المشاريع.[1]

Picture1.png

... وهناك مجال لتحقيق نمو يصل إلى عشرة أضعاف، بحسب نماذج المقارنة

حلّلت "STV" نسبة استثمارات رأس المال الجريء إلى إجمالي الناتج المحلي الوطني في المملكة لتحديد التأثير الاقتصادي المحتمل للقطاع. وبالنظر إلى مساهمة القطاع بنسبة 0,01% من إجمالي الناتج المحلي في العام 2018، توجد فرصة كبيرة لنموه في المملكة.

على النقيض من ذلك، تصل نسبة مساهمة القطاع إلى 0,1% في المتوسط في دول مثل البرازيل وفرنسا والإمارات العربية المتحدة، التي يلعب رأس المال الجريء دورًا حيويًا في اقتصاداتها. وقد وصلت نسبة مساهمة القطاع في الدول التي يمثل رأس المال الجريء فيها قوة اقتصادية كبيرة إلى 0,4%. أما في الدول التي يلعب فيها رأس المال الجريء دورًا تحوليًا، مثل سنغافورة والصين، فقد بلغت نسبة المساهمة 1,4% و0,78% على التوالي.[2]

وحتى تتحقق إمكانات المملكة بوصول مساهمة القطاع إلى نحو 0,1% في المتوسط، يجب أن تتضاعف استثمارات رأس المال الجريء في المملكة عشر أضعاف لتصل إلى 500 مليون دولار أمريكي سنويًا.

Picture2.png

يمكن أن تصل استثمارات رأس المال الجريء في المملكة إلى 500 مليون دولار أمريكي بحلول العام 2025

تعتمد توقعات وصول الاستثمارات السنوية إلى 500 مليون دولار أمريكي بحلول العام 2025 على النمو الأخير الذي شهدته تلك الاستثمارات في المملكة ومعدل النمو المسجل في الدول المشمولة في المقارنة.

نمت استثمارات رأس المال الجريء بمعدل 90% سنويًا منذ العام 2015 حتى العام 2018، وقد استمر هذا الاتجاه التصاعدي في النصف الأول من العام 2019، حيث وصل معدل النمو إلى 82% [3] مقارنة بنصف العام السابق. ونتوقع أن يتباطأ معدل النمو كلما ارتفعت القيمة المطلقة لرأس المال المستثمر، لذلك نفترض أن يصل معدل النمو السنوي المركب إلى 40% بين العامين 2018 و2025، مما يعني انخفاض معدل النمو السنوي من 90% في العام 2018 إلى 15% بحلول العام 2025. ومن شأن تحقيق هذا النمو أن يؤدي إلى استثمارات تراكمية تصل إلى ملياري دولار أمريكي خلال تلك الفترة.

Picture3.png

ونحن نعتقد أن تلك التوقعات منطقية، بالنظر إلى العديد من التغييرات الإيجابية في السياسات والحوافز التي تدفع عجلة النمو في سوق رأس المال الجريء في المملكة العربية السعودية حاليًا. علاوةً على ذلك، أثبت قطاع رأس المال الجريء بالفعل قدرته على تحقيق معدلات نمو عالية على مدار فترة زمنية طويلة في الاقتصادات الأخرى، سواءً كانت ناشئة أو أكثر نضجًا. وتؤكد النتائج المستخلصة من تحليلاتنا إمكانية تجاوز معدل النمو السنوي المتوقع في المملكة، وهو 40%. ويوضح الشكل التالي أن تلك التوجهات ليست غريبة، خاصةً في الأسواق سريعة النمو.

Picture4.png

كان من الممكن أن يصبح حجم استثمارات رأس المال الجريء في المملكة أكبر مما هو عليه حاليًا 6 مرات

تمتلك المملكة العربية السعودية فرصة كبيرة لتعزيز نشاط استثمارات رأس المال الجريء لديها. ففي العام 2018، لم تستحوذ المملكة سوى على 9% من استثمارات رأس المال الجريء في المنطقة، رغم أن اقتصادها يمثل 35% من إجمالي الناتج المحلي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ولو كانت استثمارات رأس المال الجريء في المملكة تتوافق مع إجمالي الناتج المحلي النسبي لها، لوصل حجم تلك الاستثمارات إلى 235 مليون دولار أمريكي، أو أكثر بست أضعاف من حجم الاستثمارات في العام 2018، الذي بلغ 50 مليون دولار أمريكي.

Picture5.png

استحوذت الإمارات العربية المتحدة على ما يقرب من 70% من استثمارات رأس المال الجريء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال مدة الدراسة، وربما كان ذلك مفهومًا، حيث حرصت دولة الإمارات على تيسير الوصول إلى الكفاءات بصفة دائمة، كما عملت على تعزيز نشاط المنظومة من خلال اللوائح التنظيمية المواتية وبيئة العمل الملائمة للشركات الناشئة، مما يحفز رواد الأعمال على اختيار إطلاق أعمالهم في الدولة.

رغم ذلك، وبالنظر إلى ثقلها الاقتصادي والقوة الشرائية لسكانها وتغيّر بيئة ريادة الأعمال، تمضي المملكة العربية السعودية في طريقها لتصبح أكبر سوق للمشاريع الناشئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهو سوق من شأنه أن يمكِّن الشركات من التوسع بدرجة هائلة. وبينما تواصل المملكة تحقيق الفوائد الاقتصادية للإصلاحات الواردة في رؤية 2030، نتوقع أن تنجذب المزيد من الشركات نحو المملكة، كما حدث مع شركة أمازون وشركة كامبلي (Cambly) الناشئة في سان فرانسيسكو، وهي منصة لتعلّم اللغة الإنجليزية. ولا شك أن هذا النشاط سيدعم نمو استثمارات رأس المال الجريء في المملكة.

سيتحول تركيز رؤوس الأموال على الاستثمارات في المراحل المتأخرة من المشاريع

مع تطور قطاع رأس المال الجريء، سيتأهل عدد أكبر من المشاريع للاستفادة من الاستثمارات اللاحقة، وبالتالي، سيستعيد القطاع توازنه الطبيعي للتركيز على الاستثمارات في المراحل اللاحقة، وبذلك يصبح أكثر تماشيًا مع الأسواق الناضجة.

Picture6.png

نتوقع أن تنخفض نسبة الاستثمارات في المرحلة المبكرة إلى الاستثمارات في المرحلة المتأخرة من 25% في العام 2018 إلى 15% في العام 2025. ومن شأن هذا المسار أن يؤدي إلى إعادة استثمار 350 مليون دولار أمريكي في المشاريع ذات المراحل المبكرة مقارنةً باستثمار 1,6 مليار دولار أمريكي في المراحل المتأخرة خلال الفترة من 2019 إلى 2025.

توفر المنظومة الناضجة الظروف المواتية لتحقق توقعاتنا

كان النمو الذي شهدته استثمارات رأس المال الجريء في المملكة خلال السنوات الثلاث الماضية مدفوعًا بعدد من القوى. كذلك، تشهد العديد من القطاعات، مثل الزراعة والنقل والخدمات اللوجستية والرعاية الصحية، تحولات كبيرة بسبب الشركات الناشئة المحلية والإقليمية، كما أصبحت العديد من القطاعات الأخرى مهيأة للتحول.

شهدنا تطورًا إيجابيًا كبيرًا في المحاور الأساسية الستة التي تحدد مدى قدرة قطاع رأس المال الجريء على الازدهار. وتلخص هذه المحاور، أو ركائز النمو، أسباب ثقتنا في تحسن ونمو هذا القطاع والمنظومة التقنية في المملكة.

Picture7.png

1. الطلب الكبير على التقنيات من الأفراد والشركات والجهات الحكومية

كان الطلب على الحلول التقنية الذكية من المستهلكين السعوديين لتلبية احتياجات أنماط الحياة من المحركات الأساسية لتطوير منتجات وخدمات جديدة. ومن ثمّ، ليس بمستغرب رؤية انجذاب السعوديين الشديد للحلول التقنية واتصالهم بالإنترنت، كما أنه ليس بمستغرب أن تأتي المملكة في الطليعة في مؤشرات انتشار الهواتف الذكية ومشاهدة الفيديوهات على موقع يوتيوب واستخدام سناب شات. ويعتبر السعوديون اليوم من المساهمين الفاعلين في الاقتصاد الرقمي، وذلك بسبب النمو الذي شهدته المنظومة ككل.

وهناك دلالات كثيرة على هذا التحول السلوكي، كما يُعتبر تطور دور المستهلكين السعوديين في الاقتصاد الرقمي مذهلاً. ويشير تقرير "التجارة الإلكترونية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا"، الذي أعدته شركة "بين آند كومباني" [4]إلى أن متوسط حجم سلة المشتريات الإلكترونية اليوم في المملكة العربية السعودية يصل إلى نحو 150 دولار أمريكي، وهو مستوى مشابه للأسواق الناضجة مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، كما أنه أعلى من متوسط الحجم في الصين، والذي يبلغ 100 دولار. ويؤكد استحواذ شركة "أمازون" على شركة "سوق.كوم" وسعيها مؤخرًا إلى زيادة عدد الموظفين على الفرصة التي تراها هذه الشركة العملاقة في قطاع التجارة الإلكترونية في المملكة.

كذلك، يحقق السعوديون حاليًا عائدات من القنوات الإلكترونية، سواءً عبر الرياضة الإلكترونية أو منصات مثل يوتيوب. ويوفر اقتصاد العمل الحر مصادر جديدة للدخل لسكان المملكة، ومن الأمثلة على ذلك تطبيقات مثل "أوبر" و"كريم" لمشاركة المركبات وتطبيق "مرسول" لتوصيل الطلبات.

علاوةً على ذلك، تحتضن الشركات والجهات الحكومية على مستوى المملكة الشركات الناشئة أيضًا، ويتضح ذلك من تعاون المؤسسات الكبرى والجهات الحكومية مع الشركات التقنية الناشئة والعمل على دمجها ضمن أعمالها. ومن الأمثلة على ذلك، الشراكات بين الشركات الناشئة مثل "يونيفونيك"، منصة الاتصالات السحابية، و"لوسيديا"، المتخصصة في تحليل المشاركات على وسائل التواصل الاجتماعي، مع المؤسسات السعودية الكبرى والجهات الحكومية. نتيجة لذلك، تزيد الثقة في تلك الشركات وفي الشركات الناشئة الأخرى.

Picture8.png

2. تعزز قصص النجاح من التفاؤل التقني بين الكفاءات والمستثمرين

أثبتت الشركات الناشئة، مثل "نون أكاديمي"، قدرة الشركات السعودية على التوسع إلى باقي أنحاء المنطقة، وليس العكس فقط. فعلى سبيل المثال، تمكنت شركة "يونيفونيك" من تيسير الاتصالات السحابية وتستعين بخدماتها الشركات الدولية، مثل أرامكس وأوبر، والمؤسسات الإقليمية، مثل بنك البلاد والمستشفى السعودي الألماني.

وهناك صور أخرى للنجاح، فقد أثبتت عمليات التخارج، مثل شركة سوق.كوم (التي استحوذت عليها شركة أمازون مقابل 580 مليون دولار أمريكي) وشركة كريم (التي استحوذت عليها شركة أوبر مقابل 3,1 مليار دولار أمريكي) وشركة كاريدج (التي استحوذت عليها شركة دليفري هيرو مقابل 100 مليون دولار أمريكي) وشركة طلبات (التي استحوذت عليها شركة روكيت إنترنت مقابل 170 مليون دولار أمريكي)، جدوى استثمارات رأس المال الجريء في المنطقة.

Picture9.png

وربما كان أبلغ تعبير عن هذا الوضع هو ما قاله مارك آندريسن، مؤسس شركة آندربسنهورويتز، حين قال "تسيطر البرمجيات أخيرًا على العالم"، وهو أمر يتكرر حاليًا في المملكة. ومع استمرار نمو هذا الزخم، نتوقع انطلاق عدد كبير من الشركات الناشئة التي يمكنها النمو وجذب المستثمرين إليها في المراحل المتأخرة، مما يعزز من التوقعات بشأن استثمارات رأس المال الجريء في المملكة على المدى المتوسط والبعيد.

3. تسهم البنية التحتية التقنية في تمكين المزيد من الشركات الناشئة

أسهم بزوغ منصات جديدة للبنية التحتية في تمكين فئة جديدة من رواد الأعمال. وبفضل الحلول المبسطة لمنافذ البيع بالتجزئة، من قبيل موقع واجهات المتاجر الإلكترونية (سلة) وشركة تقديم الخدمات اللوجستية (سلاسة)، يمكن لأي شخص أن يطلق الآن شركة للتجارة الإلكترونية في غضون أيام. فموقع سلة، على سبيل المثال، يضم فعلياً 8000 متجر إلكتروني. وتمشياً مع الاتجاهات الرقمية الجديدة في جميع أنحاء العالم، ومنها شوبيفاي، لا يمثل ذلك سوى بداية لمشاركة السعوديين في الاقتصاد الرقمي.

وتظل حلول الدفع حلقة مهمة من حلقات سلسلة القيمة المذكورة بداية من "إس تي سي باي" وصولاً إلى "باي تاب" و"هايبر باي"، حيث يشهد هذا القطاع الكثير من التطورات. ومع ذلك، فإننا نتمنى أن نرى رائداً إقليمياً يستطيع أن يفسح المزيد من المجال للاقتصاد الرقمي في المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

4. تشهد استثمارات رأس المال الجريء وحاضنات الأعمال نمواً سريعاً في المملكة العربية السعودية

ظلت أنظار المستثمرين خلال السنوات الأخيرة تتجه باطراد إلى التركيبة السكانية في المملكة العربية السعودية التي يغلب عليها الشباب سعياً إلى خلق القيمة؛ الأمر الذي أدى بالمزيد من رؤوس الأموال الجريئة إلى شق طريقها داخل المملكة.

وتعد شركة فينشر كابيتال الاستثمارية السعودية واحدة من تلك الشركات التي تعمل بنشاط على تمكين هذه المنظومة من خلال استثماراتها المشتركة المباشرة مع المستثمرين الرعاة وشركات الاستثمار في رأس المال الجريء والمستثمرين المحنكين ومن خلال الاستثمار في صناديق الاستثمار في رأس المال الجريء عملاً على تحفيز الاستثمارات في هذا النوع من رؤوس الأموال وإزالة العوائق التي تقف أمام مديري الصناديق الذين يتطلعون إلى دخول سوق الاستثمار في رأس المال الجريء. وتشهد شركة "STV" المزيد من المبادرات والسياسات التي تسهم في دفع هذا النمو بشكل أكبر.

Picture10.png

5. أسهمت الأنظمة المواتية كثيراً في تحسين تيسير ممارسة الأعمال

قطعت الحكومة السعودية خطوات كبيرة على طريق إطلاق العنان لإمكانات المنظومة الرقمية وريادة الأعمال في البلاد. وسوف تسهم السياسات التي تم تمريرها في الآونة الأخيرة، من قبيل برنامج الإقامة الدائمة وإجازات امتلاك الوافدين للعقارات، في تشجيع رواد الأعمال على اختيار المملكة كقاعدة لمشاريعهم الناشئة. فبفضل هذه السياسات، يمكن لرواد الأعمال الأجانب الآن التقدم بطلب للحصول على تصاريح إقامة لأنفسهم ولعائلاتهم، وتملك العقارات، وتملك الشركات بنسبة 100% في قطاعات مثل التعليم والرعاية الصحية؛ كما إن معظم المشاريع التقنية القائمة في المنطقة، إن لم تكن جميعها، تستهدف سوق المملكة العربية السعودية، ولقد بدأ العديد منها فعلياً في زيادة عملياتها وأنشطتها في المملكة. وعليه، فإن السماح لتلك المشاريع ببدء أعمالها وإدارتها إدارة كاملة من المملكة العربية السعودية سيكون نقطة تحول حقيقية للمنظومة بالكامل.

يعمل نظام الإفلاس والرهن التجاري الجديدين في المملكة على سد ثغرات هامة في البنية التحتية القانونية. كما ستعمل مبادرة الاستثمار الجريء التي أطلقتها الهيئة العامة للاستثمار تحت مظلة استثمر في السعودية على اجتذاب أعداد أكبر من شركات رأس المال الجريء إلى المملكة، مما سيمكن نشاط ريادة الأعمال من الازدهار. وتعد هذه الخطوة خطوة كبيرة على طريقة المنظومة وقناة هامة تعمل على ضخ المعرفة والخبرة القيمة التي تمتلكها الشركات العالمية المتخصصة في الاستثمار في رأس المال الجريء إلى رواد الأعمال المحليين. وعلاوة على ذلك، فلقد أطلقت الهيئة العامة للاستثمار رخصة رواد الأعمال في العام الماضي للسماح لرواد الأعمال الأجانب بإنشاء وتوسعة شركات ناشئة في المملكة عبر مساحات العمل المشترك ومسرعات الأعمال.

تعمل مبادرة "فنتك السعودية" على تسريع عملية تطوير قطاع الخدمات المالية من خلال مبادرة مختبر التقنية المالية، أو ما يعرف باسم "ساند بوكس"، ومشاركة الأطر والأنظمة بالإضافة إلى إتاحة العديد من الخيارات أمام الشركات الكبرى الدولية التي تحرص على الوصول إلى المستهلك السعودي. ويمكن لذلك أن يفتح المجال أمام إمكانيات قطاع التقنية المالية ولغيره العديد من القطاعات الأخرى التي تعتمد على المدفوعات والحلول المالية.

ونرى أيضاً توافر إمكانات أكبر في دول مجلس التعاون الخليجي؛ وذلك لأن التغييرات التنظيمية التي يمكنها أن تعزز المعاملات والعمليات السلسلة العابرة للحدود ستعمل على تعميق أوجه التآزر القائمة والسماح للشركات الكبرى المحلية بالانتقال إلى المستوى الإقليمي، مما سيعزز من مدى الاستفادة من الموارد وتجمعات القيمة في دول مجلس التعاون الخليجي.

ولكن هناك مجال يتسع لإدخال المزيد من التحسينات.

فالوقت اللازم لإنجاز جولة تمويلية واحدة يمكن تقليصه إذا درست المملكة العربية السعودية فكرة تنفيذ منطقة حرة مالية الخاصة بها، على غرار سوق أبوظبي العالمي أو مركز دبي المالي العالمي. وهذه الخطوة ستعني أن المملكة العربية السعودية لن تخسر أعمالها لصالح دول أخرى. وعلاوة على ذلك، فإننا نرى مجالاً يتسع لإدخال بعض التحسينات في المتطلبات الرأسمالية حيث إن الشركات الناشئة يعوقها حالياً الحد الأدنى الكبير لمتطلبات أسهم رأس المال.

وهناك أيضاً مجال لتعزيز البنية التحتية القانونية اكثر، حيث لا يمكن إنفاذ السندات القابلة للتحويل والاتفاقيات البسيطة لتملك حصص في المستقبل في المملكة العربية السعودية؛ في حين إن هذه الأدوات تمثل الأساس لمعظم الشركات الناشئة وفي المراحل المبكرة لها وهي مهمة جداً لمصلحة المشاريع الجديدة. كما أن النظام السعودي لا ينص على برامج تمليك أسهم شركات للموظفين فيها. وتمثل برامج تمليك أسهم شركات للموظفين فيها ميزة من مزايا الشركات الناشئة حول العالم كما أنها تعتبر وسيلة أساسية للشركات التقنية لاجتذاب مواهب جديدة. وأخيراً، ستستفيد المملكة العربية السعودية أيضاً من استحداث حقوق المساهمين المفضلة؛ حيث تضم الغالبية العظمى من عمليات تمويل رأس المال الجريء مجموعة قياسية من حقوق المساهمين المفضلة، بما يشمل تفضيلات التصفية وحقوق المساهمين ضد تخفيض قيمة الأسهم، والتي لا تنطبق فيما يتعلق بأي جهة سعودية.

إدخال هذه تعديلات الى نظام الشركات السعودي سيعمل نحو ضمان توافر هذه الهياكل القياسية لرأس المال الجريء وقابليتها للتنفيذ في المملكة.

6. تعاني المملكة من نقص في المواهب - ولكن يمكن حل هذه المعضلة قريباً

يعتمد النمو المستمر لمنظومة الشركات الناشئة على النشاط المستمر لريادة الأعمال. وإلى جانب التدابير الرامية إلى حشد الاهتمام بالشركات الناشئة، يظل إيجاد وخلق مجموعة من المواهب بمثابة عامل التمكين الرئيسي لمنظومة نابضة بالحياة وسريعة النمو. فإن الطلب على المواهب غير قاصر على السعوديين، حيث إن الفجوة بين عرض المواهب والطلب عليها من قبل الشركات التقنية المحلية والعالمية تتسع بمعدلات سريعة.

ولكن هناك مؤشرات على وجود ضوء في نهاية النفق المظلم.

ومع تقادم المهارات بوتيرة أسرع من ذي قبل، بدأت صناعة التكنولوجيا في الاعتماد بصورة متزايدة على المواهب التي تتحلى بروح ريادة الأعمال بدلاً من الاعتماد بالكامل على المتخصصين المتمرسين. وتوصلت دراسة نشرتها ديلويت إلى أن الشباب السعودي لديه حماس أكبر نحو ريادة الأعمال التقنية مقارنة بأقرانهم على الصعيد الدولي. ويثبت بحث أجرته شركة "STV" أن هذا الأمر ينطبق أيضاً إذا ما نزلنا إلى أرض الواقع. فلقد التقينا بمئات من رواد الأعمال السعوديين الذين أظهروا الإرادة والالتزام لحل بعض المشاكل الأكثر إلحاحاً التي تواجه المملكة والمنطقة ككل من خلال الاستفادة من الإمكانات والقدرات التي تتمتع بها التكنولوجيا. ويمكن لقصص النجاح هذه، مقترنة ببرامج التوجيه وإشراك الشباب، أن تسهم في توفير الإلهام والتحفيز اللازمين للشباب السعودي لدخول عالم الشركات الناشئة.

يعتمد قطاع التقنية كذلك على رافد مستمر من أصحاب الكفاءات من المهندسين، ومديري المنتجات، ومطوري الأعمال، ومندوبي المبيعات. ويقدم الإنترنت وسائل متعددة تتيح للجميع اكتساب المهارات التقنية والمهارات الشخصية من خلال مجموعة من البرامج التي تتنوع بين برامج التعليم الذاتي أو التعليم تحت إشراف معلم وبرامج مجانية وأخرى مدفوعة، وبرامج منتجة محلياً وأخرى منتجة عالمياً وجميعها يمكنها أن تساعد أي فرد على بناء مجموعة المهارات المطلوب لتأسيس مشروعات رقمية في ظرف ستة شهور.

وقد وضعت عدة تدابير لعلاج النقص في الموارد البشرية وهي العقبة الأساسية التي تقف أمام تطوير المشروعات التقنية. وحتى الآن قامت الحكومة بدور محوري في تطوير التعليم من خلال استثمارها نسبة 25% من إجمالي الإنفاق على التعلم والتطوير مع إيلاء اهتمام خاص بالتكامل التقني، والذكاء الاصطناعي، ومجموعات المهارات الرقمية في المناهج الجامعية. لكن هناك دور على المستثمرين وشركات التقنية التي تشهد نمواً متسارعاً القيام به في تطوير الكفاءات المحلية لخدمة قطاع الشركات الناشئة السعودي للوصول به إلى أعلى مستوى ممكن والحفاظ على هذه القيمة لصالح الأجيال القادمة.

[1] لطالما كان من الصعب الحصول على بيانات دقيقة في القطاع، لكن الأرقام الواردة تقدم صورة شاملة بشأن نشاط استثمارات رأس المال الجريء. ومن ثمّ، تستخدم "إس تي في" تلك البيانات في تحليل النشاط في السوق؛ ولا يهدف هذا التقرير إلى تقديم إحصائيات دقيقة بشأن حجم الاستثمارات.

[2] لأغراض هذا التقرير، تستخدم "إس تي في" كلمة "حيوي" للإشارة إلى استثمارات رأس المال الجريء المجمعة التي تصل إلى 0.25% من إجمالي الناتج المحلي، في حين تشير كلمة "رائدة" إلى الاستثمارات التي تتراوح بين 0.25% و0.75% من إجمالي الناتج المحلي. وعندما تتجاوز تلك الاستثمارات 0.75% من إجمالي الناتج المحلي، يشار إليها بأن لها تأثير تحولي

[3] وفقًا لبيانات شركة ماغنيت.

[4] [ تقرير شركة "بين آندكومباني" بعنوان التجارة الإلكترونية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا]